2016-04-05

حوار ياسر الششتاوي مع وكالة أنباء الشعر



 أجرى الحوار : زياد ميمان
بداية اخبرني عن بداياتك مع الشعر وكيف كانت الانطلاقة ؟
بدأت محاولة كتابة الشعر وأنا في الثانوية العامة ، ففي ذات يوم أخبرنا صديق أن لديه قصيدة شعرية يود أن يسمعنا إياها، فسمعناها منه، فوقع في نفسي أن أكتب مثلما يكتب ،وعندما ذهبت إلى البيت أمسكت الورقة والقلم، ورحت أنظم أول قصيدة لي وكانت تبدأ بكلمة( حبيبتي) وأحاول أن أكتب أي كلمة بعدها ، فلا تتأتي لي أي كلمة، وكأن اللغة جفت من الكلمات ، ثم يشاء القدر أن أدخل كلية دار العلوم، تلك الكلية التي كان لها فضل كبير في تدشين موهبتي الشعرية وتغذيتها من خلال التعرف على أرقى النماذج الأدبية في سائر العصور ، حيث تدرس الشعر خاصة والأدب عامة دراسة رصينة بجانب الاحتكاك بالزملاء الذين كانوا يخوضون أيضاً بداية تجاربهم الشعرية، مما جعلني أؤمن أنني في يوم من الأيام سأكون شاعراً، وكنت مصمماً على ذلك إلى حد بعيد ، وما زلت مصمماً وسأظل.
ياسر الششتاوي أنت من جيل شعري بين جيلين كيف يثبت هذا الجيل من الشعراء ذاته بين الحداثة ومايأتي به الشباب وبين من تركه الكبار ؟
الشعر تجربة شخصية بالغة الالتصاق بشاعرها، ولا أستطيع التحدث في الشعر إلا عما أنجزه ، وما أحلم بإنجازه، أما قضية الأجيال هذه فقضية وهمية، الشعر شعر في أي جيل ، والشاعر شاعر في أي جيل ، فكل شاعر عليه أن يشق طريقه بنفسه، وأن يثبت حضوره بإبداعه، لا بسنه ولا وظيفته في أي موقع ثقافي، فالشاعر غير الحقيقي سوف ينساه الزمن، وقد يصبح شاعر واحد كجيل بأكمله.
فزت بجوائز أدبية كبيرة داخل مصر وخارجها كيف تؤثر الجوائز على مسيرتك الشعرية وما أثرها على الشاعر نفسه؟
لا شك أن الجوائز من الأشياء التي تسعد المبدع، ولكن لا يجب الركون إليها ، فهي مجرد إشارات على الطريق ، وليست هي الطريق نفسه، فالجوائز خاصة الكبيرة منها تؤمن للمبدع بعض الطمأنينة على غده، فيتفرغ إلى حد ما من التفكير والخوف على لقمة عيشه ، إلى التفكير في إبداعه، ومحاولة صقله ، وتجويده، لذا أشجع وأنادي بأن يكون للشباب نصيب من الجوائز الأدبية الكبرى ؛ لأن هذا وقتها الصحيح أما أن تأتيك الجائزة وأنت في الستين أو السبعين ، فلن يكون لها نفس الوقع والطعم عندما تأتي في وقت مبكر.
لكل شاعر تجربته وخطه الأدبي الذي يسير به ولكن هناك من يقول أن بعض الشعراء يخرجون من عباءة درويش او نزار قباني هل في الساحة المصرية شعراء تجاوزوا الحدود في الاقتداء بشعراء عرب مع العلم ان الساحة المصرية من اكبر الساحات التي انتجت شعراء عربياً ؟
في بداية تجربة أي شاعر يكون بالتأكيد من يؤثر على تلك التجربة، ويمتاح الشاعر الواعد من معين هذه التجربة التي تمثل نقطة انطلاق له، ولكن الشاعر الجيد وهو الذي يستطيع أن يتخلص من هذا الأثر أو يخفيه بمهارته الشعرية ،ونفسه الخاص الذي ينفثه في عروق قصيدته، ومع الزمن والانغماس في الإبداع سوف يزول هذا الأثر تدريجياً، ويصبح لمن كان متأثراً من يتأثر به فهذه سنة الحياة، وكذلك سنة الإبداع، أما بالنسبة للساحة الشعرية المصرية فهي كما قلت أنتَ من أكبر الساحات الشعرية إنتاجاً للشعراء، وهذا حقيقي ،فالساحة الشعرية المصرية بها العديد من الشعراء العباقرة الذين لم يأخذوا حقهم وخاصة في الأقاليم البعيدة عن العاصمة، أما بالنسبة للشعراء المصريين الذين أضافوا للشعرية العربية إضافات مهمة وتجاوزوا السابقين فهم كثر ، مثل الشاعر الكبير أحمد بخيت على سبيل المثال وليس الحصر.
تحاول الرقابة بين الحين والآخر فرض ذاتها في معارض الكتب هل توافقها الرأي في منع كتب من الوجود على رفوف المكتبات في حين تكون هذه الكتب نفسها موجودة في نفس المعرض في دورات سابقة ؟
لا يمكن لأي كاتب حقيقي أن يكون من أنصار منع أي كتاب مهما كان ما فيه من أفكار ، فالفكر يواجه بالفكر ،وليس بالمنع، وأعتقد أننا تجاوزنا ذلك في ظل هذا العالم المفتوح ، ويصبح من المضحك فعل هذه الأشياء التي تكون نابعة من أصحاب عقول متكلسة.
إلى أي مدى تجد انتشار العامية في الشارع الثقافي المصري وهل ترى ضرورة ان تقوم هيئات ومؤسسات رسمية بدعم وجود العربية بقوة في بعض الأماكن خوفاً من انتشار العامية في المشهد الثقافي والأدبي ؟
الشعر الفصيح له مميزات تعبيرية وجمالية ، وكذلك شعر العامية له مميزاته، ومن أخطر ما يميز شعر العامية اتساع الشريحة التي يمكن الوصول إليها ، ابتداء من العامل البسيط أو الأميّ إلى أشد الناس ثقافة، بينما يظل جمهور الشعر الفصيح نخبوياً إلى حد ما، ولكن في حالات نادرة تجد الشعر الفصيح ينتصر ويكتسح كما في حالة نزار قباني فلا يوجد شاعر عامية عبر عن الحب أو كتب في السياسة بسلاسة نزار قباني مما يعني أن الشعر الفصيح يمكن أن ينتصر إذا ابتعد عن التقعر والغموض، وهذا لا يعني بالطبع التفريط في القيم الجمالية والفنية، فإذا اتسع جمهور شعر العامية في بلد ما ، فإن البلد تظل بلداً واحداً ، بينما الشعر الفصيح يستطيع أن ينتشر في سائر البلدان العربية، المهم أن يكون الشعر شعراً ، والشاعر شاعراً، كما يلعب غناء القصائد دوراً هاماً في نشر الشعر الفصيح، وهذا ما يجب أن نشجعه.
بين الشعر والقصة أين يجد ياسر الششتاوي ذاته أكثر ؟
كل فن من الفنون له ميزة عن الفن الآخر، وهذا هو الذي يؤدي إلى تعدد الفنون ، لأن كل فن يستخرج من الإنسان شيئاً ما ،لا يستخرجه الفن الآخر، فالشعر والقصة بالنسبة لي طريق واحد، أحياناً أمشي في ظل الشعر، وأحياناً أمشي في ظل القصة، المهم أن أمشي ولا أتوقف، والأهم النجاح في الوصول إلى  الفكرة البكر، والأسلوب الأمثل سواء في الشعر أو القصة، وهنا أجد نفسي طالما وجدت الفكرة التي تشبعني ونجحت في التعبير عنها سواء كان المعبر ياسر الشعري أو ياسر القصصيّ.
تقام في العالم العربي مسابقات شعرية كبيرة ويسجل الشعراء المصريين حضورهم بها بقوة وفي  مصر جوائز  شعرية متنوعة ومتفاوته في الأهميةهل تؤيد أن يتبنى هذه الجوائز جهات حكومية او جهات خاصة وكيف ترى الدعم الحكومي للشعر والأدب في مصر ؟
الجهة التي تتبنى أي جائزة سواء حكومية أو خاصة ليس بالأمر بالغ الأهمية ، المهم أن تكون الجائزة منصفة وعادلة ، وليس لها توجهات معينة، وأن تذهب الجائزة لمن يستحقها، أما بالنسبة للدعم الحكومي للشعر والأدب في مصر، فهو طبعاً أقل بكثير مما نحلم به، وأقل بكثير جداً مما هو موجود مثلاً في دول الخليج ، وربما يرجع ذلك إلى الظروف الاقتصادية التي تعيشها مصر، والتي نأمل أن يتحسن الوضع في قادم السنوات، ويأخذ المبدع المصري حقه في وطنه أولاً.
مع التغيرات الكثيرة التي طرأت على وزارة الثقافة المصرية من ثورة يناير كيف ترى نشاط هذه الوزارة في تحريك المشهد الثقافي المصري وهل ينسجم مع تطلبات جيل الشعراء والأدباء والمبدعين الشباب؟
وزارة الثقافة ليس عليها تحريك المشهد الثقافي، ولا أن تكون قائده، الذي يحرك المشهد الثقافي هم سائر المبدعين بكافة توجهاتهم، وانتماءاتهم، الوزارة  عليها أن تمهد الطريق لجميع من يسيرون، وأعتقد أن هذا الدور لم تنجح فيه في كثير من الأحيان، فهي تمهد فقط لمن يمدح ويتقرب، ويكون في صف النظام الحاكم حتى لو كان أسوأ المبدعين، أما بالنسبة للحديث عن الشباب ووزارة الثقافة فهي من الأمور المضحكة ، فالشباب خارج حسابات هذه الوزارة، لأن من يملكون عنق هذه الوزارة، قد بلغوا من العمر عتياً ، سواء زمنياً أو فكرياً، لكننا نحلم، ونحاول تحقيق الأحلام.
إلى أي مدى تتدخل دور النشر في طباعة أي ديوان شعري من حيث المضمون وهل تعرض ياسر الششتاوي لمثل هذا الموقف ؟
دور النشر الخاصة في الأغلب لا يهمها المضمون ، إنما ما يهمها هو جيب المبدع، وآخر شيء تفكر فيه المضمون ، إلا  إذا كانت دار نشر محترمة ، وتريد أن تستمر، وتقدم خدمة ثقافية بحق ، وعدد هذه الدور يعد على أصابع اليد، أما بقية الدور ، فلو جئت لها بأتفه كلام، ودفعت ما يطلبون فأنت عندهم فارس الإبداع، ولن تعترض حتى لو قلت ريان يا فجل، أما دور النشر الحكومية فهي عادة يكون لها هيئة تحكيم، ولكن هذا لا يمنع من تسرب المجاملة في النشر الحكومي، أما بالنسبة لي فلم يحدث معي أن طلبت مني دار نشر سواء حكومية أو خاصة تغيير في قصيدة أو ديوان، وهذا أصلاً شيء لا أقبله، أن يتدخل في إبداعي شخص أو جهة ما.
ماهو جديدك؟
سيصدر لي خلال أيام أي قبل نهاية هذا العام ديوان بعنوان( الحفر في داخلي)  هو يعتبر أول ديوان لي في  مجال قصيدة النثر بعد أن أصدرت ستة دواوين ومجموعة قصصية، ويوجد لدي روايتان مخطوطتان.
بهذه المناسبة ما رأيك في قصيدة النثر؟
ليس المهم القالب المهم هو ما يسكب داخل هذا القالب، فقد تكتب أسوأ الكلام في القالب العمودي، فهذا لن يشفع لك ، ويظل شعراً سيئاً، وقد تكتب قصيدة نثر، تتفوق بها على الكثير من القصائد العمودية، فالعبرة بالجماليات الفنية، وبراعة الشاعر في الإمساك بها، فلكل قالب جمالياته وإشعاعه.
وكلمات توجهها عبر الوكالة ماذا تقول بها ؟
أشكر الوكالة وأشكرك أخي زياد على هذا الحوار الممتع ، وأثمن دور الوكالة المؤثر في الحراك الثقافي، ونتمنى لها دوام التألق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق