2013-02-12

ابتسامة قديمة ... قصة بقلم : ياسر الششتاوي

لم أجد عمـلاً، يناسب مؤهلي ، فلم أجلس رهين البيت ، فلدي أحلام تؤرقني ،كلما أنجز شيئاً أرنو لما بعده ،وأحس بأن طموحي هو طوق نجاتي ، لا بد أن أتعب وأنا في غمرة شبابي حتى أستـريح بعد ذلك ، وإن كنت أظن أن أمثالي لا يريحهم إلا التعب والاجتـهاد ، فأنا لا أستطيع الاقتناع بالقليل ، والكثيـر بعيد لا أستطيع الحصول عليه إلا بوفرة المكابدة ،وقد يتحقق أو لا يتحقق،فربما يكون الحظ بطل حياتي ، وربما يكون غير ما أود ، لكنني لا أستطيع أن أغيرني،أو أن أغير أحلامي رغم ما يسبب لي تدفقها الذي يحتل تفكيري من أحزان عندما أجد الواقع يحاربها، أو عندما تتعثر في طرقات الزمن .
عملتُ مندوب مبيعات ،وكان هذا أول عمل أخوضه بعد تخرجي رغم ما في هذه المهنة من صعوبات وإجهاد ،لم أتعود عليها إلا بعد فتـرة ، حينها أدركتُ أن الحياة ليست بالبساطة والسهولة التي ترسمها أحلام اليقظة التي طالما غرقت فيها .
في كل يوم أحمل حقيبتي ،وبها ما قد أبيعه من بضاعة،أجوب شوارع القاهرة ، أشاهد السيارات الفارهة ومظاهر البذخ في الأكل والملبس ، أحس بشيء من المرارة ، وأحس أن الأغنـياء من طينة أخرى غير طينتنا معشر الفقراء .
أسائل أحلامي :
هل سأكـون في يوم مثل هؤلاء البشر ؟! هل سأصبـح غنياً ؟؟ هل سيكون عندي سيارة وشركات وموظفين وأطيان ؟ آه مني آه .
لا أملك إلا أن أبتسم من نفسي، وما تأخذني إليه من خيالات .
في شوارع القاهرة التي تعـودت أن أبيع فيها ، كانت هناك فيلا يبدو أنها مهجورة ، أو أن من بها قد سافروا،وكان لهذه الفيلا حديقة رائعة ، يوجد بها أشجار المانجو بارتفاعات كبيرة ، تجعل فروعها تطل في الشارع ، وعند مروري بجـوار سور الفيلا ،وقعت ثمرة من ثمرات المانجو فوق رأسي،أمسكت بها كانت تامة النضج،لم أتناولها، تذكرت أنها ليست ملكي،ولا تحل لي،قذفتُ بها إلي داخل الحديقة، ومضيت .
وبعد عشرين عاماً كنت أنا داخل الفيلا ، وفي إحـدي الشرفات كنت واقفاً مع زوجتـي ، فرأيت شاباً يمشي بجـوار السور ،فوقعت على رأسه ثمرة من ثمرات المانجو ، أمسك بها ، كانت تامة النضج ، لم يتناولها ، قذف بها إلى داخل الحديقة ، فهب كلبي من نومه يصيح ، فابتسمتُ ابتسامة قديمة .
                              قصة بقلم : ياسر الششتاوي






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق