2016-05-08

دعوة أمي ...أدب ساخر بقلم: ياسر الششتاوي

تأتي أيام الامتحانات بقلقها وتوترها، وكأنني في بحر وأحس أنني أغرق ، وأطلب النجاة من أي أحد، ولا أجد أمامي سوى أمي ، لتدعو الله لي أن تمر فترة الامتحان على خير ، وأن يرزقني الله بموافقة ورقة الأسئلة لما أخزنه في رأسه من معلومات فكم رأيت من الامتحانات وألاعيبها في السنوات السابقة، فأحياناً أركز على بداية الكتاب ويأتي الامتحان من آخره ، وأحياناً أركز على آخره ويأتي من أوله ، وفي المادة التي ركزت فيها على الكتاب كله بدرجة متساوية إذ بدكتور المادة يأتي بالأسئلة من مقدمة الكتاب ، ما هذا العبث التي تقوم بها الامتحانات معي ، ومتى تنتهي حياتي من الامتحانات ، أريد أن أنهي الكلية وأتخرج منها على خير كي أنتهي من الامتحانات وقرفها ، ولكن عندما قلت لأبي هذا الكلام قال لي: إن الحياة يا ابني في حد ذاتها امتحان ، فأنت ما دمت تعيش فأنت ما زلت في لجنة الحياة الامتحانية ، والنتيجة يوم تقابل الله ، فتقرب منه لكي تنجو ، حقاً لابد أن أسمع كلامي وخاصة في مثل هذه الأيام ، وكأنني وأصدقائي من طينة واحدة فعندما تقترب الامتحانات ننسى الجري وراء البنات وننتبه للصلوات، ولا نترك الكتاب إلا لكي نصلي ، وبعدها يأخذنا الشيطان كل مأخذ، وأنسى كلام أبي أن الحياة كلها امتحان.
أول مادة هي أصعب مادة ، وتقلقني جداً ، وقبل أن أخرج من المنزل للكلية قبلت يد أمي ، وطلبت منها أن تدعو لي ، فدعت بدعوات يتفطر لها القلب من صدقها البالغ أثناء الدعاء ، وبصراحة أحسست بالراحة والطمأنينة إلى حد ما، وجاءني شعور جارف أن تلك المادة ستكون سهلة بإذن الله. وعندما أخذت ورقة الأسئلة كأنها عقرب أمامي أخاف لمسها ، أو أقترب منها، ولكنني لم أجد مفراً من لمس هذا العقرب، ربما يكون حمامة كما توقعت، أو كما دعت لي أمي، ذهلت من الأسئلة ، ما هذه الأسئلة التي بلا قلب ؟! الامتحان صعب جداً ولا تعرف ما هي الإجابة، الأسئلة في حد ذاتها ليست واضحة فكيف ستكون الإجابة شافية وواضحة، وتذكرت دعوات أمي ، أين ذهبت دعوات أمي ، وبدأت أكتب وأصول وأجول بكلام لا أدري صوابه من خطئه ، المهم أن أكتب، فقال قال لنا أحد الدكاترة أثناء المحاضرة لا أدري مازحاً أم جاداً أنه عند تكون زوجته راضية عنه في أثناء تصحيح الأوراق ويكون في حالة روقان فإنه يعطي درجات بلا حساب، أما إذا عكرت زوجته مزاجه، فإنه بالطبع ينعكس على الطلاب، وتلاقي البخل في الدرجات ليس بعده بخل، فربما تكون ورقتي من ضمن الورق الذي سوف يصححها الدكتور في ليلة من ليالي الروقان ، أو ربما يحدث كما سمعت من أن دكتور أخذ معه ورق الامتحان في المصيف وطار الورق منه في الماء فأعطى للطلاب درجات عشوائية أقلها جيد ، ولم يرسب في مادته أحد ، ربما يحدث ما لا أتوقعه ، وأنجح في تلك المادة ، وإن لم يحدث شيء مما في خيالي ، فلا يهم هي مادة وسوف آخذها معي في العام القادم ، المهم أن أنجح في باقي المواد!!
وفي المادة الثانية قبل الخروج من البيت وقبل أن أطلب من أمي الدعاء، بادرت هي نفسها بالدعاء لدرجة أنني كنت أود أن أقول لها كفى يا أمي من شدة التأثر، وكانت المادة سهلة ، وأجبت كما ينبغي وأحسست أن الله قد استجاب لداء أمي هذه المرة، بخلاف المادة السابقة، ولكنني عندما خرجت ورحت أراجع المادة مع زملائي وجدت أنني رغم كثرة ما كتبته إلا أنني لم أجب الإجابة التي يريدها الدكتور، وأن الدكتور خدع الكثير مثلي بسهولة السؤال كما ظننا، فحزنت فعلاً يومها، ولكنني لم أفقد الأمل ، فلو رسبت في هذه المادة والمادة الأولى أستطيع أن آخذهما معي في العام القادم المهم ألا أرسب في أي مادة قادمة من الامتحانات، لأن ساعتها سأعيد السنة لأن معي ثلاث مواد!
وفي المادة الثالثة وأنا أخرج من البيت وقبل أن تهم أمي بالدعاء قلت لها بالله عليك يا أمي لا تدعي في هذه المادة كدا أنا هسقط!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق