2015-08-14

المضيعاتي ... أدب ساخر بقلم : ياسر الششتاوي

المضيعاتي... أدب ساخر
مل من زوجته والعيشة معها، والعجيب أنها كلما ترتفع درجة الملل لديه ، يزداد حبها له ، وكلما يبتعد تحاول الاقتراب منه أكثر ، لم يحدث في أي خصام أن بادر هو وقام كي يصالحها ، دائما هي من تذهب كي تصالحه ، فيشعر بالزهو كأنه طاووس ابن طاووس!!
يريد أن يأخذ منها أجازة ولو ليوم أو يومين ، ولكنه تتشبث بالشقة والجلوس على قلبه ، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ، يسمع كثيراً عن الزوجات التي تغضب من زوجها بالشهر والاثنين ، وتمنى لو كانت زوجته من هؤلاء، فمنذ تزوجا لم تغضب ولا مرة واحدة ، مع أن زوجها ليس ملاكاً بل يشخط ، ويشخر ، وفيه كل العبر ، ولكن تغفر سيئاته ، وتتحمل ، هل نقول أنها تتحمل من أجل الأولاد ؟ لا فهما لم ينجبا حتى الآن ، إذن ما الذي يصبرها على هذا الأقرع!!
صمم الأقرع أنه لابد أن تذهب إلى بيته أهلها مهما يكن ، ولكن كلما يقول لها الباب يفوت جمل ، تقول له المثل يقول جمل وليس جملة، ثم تضيف ضاحكة : بالسلامة يا جملي في أي وقت.
فكم مرة تشاجرا، ويزق فيها كي ترحل ، ولا ترحل ، وتدعى أنه أغمى عليها ، كي يتركها ، ولا يواصل جنونه ، وبالفعل كانت تنجح خطتها.
قرر في يوم أن يفعل شيئاً سوف يجعلها تترك البيت ، وتفر على بيت أمها صارخة ، ليس ضرباً ، ولا سواه ،ولا شتيمة ولا شخر ، إنها الحيلة والمكر والدهاء هو ما ينفع مع الزوجات.
دخل عليها الشقة مدعياً أن في جيبه قنبلة سوف تنفجر حالاً ، في جيبي قنبلة سوف تنفجر ، في جيبي قنبلة سوف تفجـ ... تركت له الشقة ونزلت مهرولة ، وتكاد لا ترى أمامها من شدة الخوف والفزع ، فمجرد أن نزلت من على السلم، راح يضحك ويضحك ويثني على ذكائه ، ثم أغلق الباب ، وأحس أنه أصبح حراً ، وأنه عاد لنفسه.
انتظرت زوجته بالقرب من العمارة ، تتوقع أن يحدث الانفجار في أي لحظة ، وهي تبكي على مصير زوجها: زوجي حبيبي زوجي حبيبي ، بينما هو يغط في نوم عميق
مضت الدقائق ولا انفجار ولا غيره حدث، تواصل النظر إلى الشقة ، ولا أي بصيص لأي خطر ، فكادت أن تنفجر من طول الانتظار ، وبعد فترة تأكدت أن زوجها قد فعل بها مقلباً كبيراً ، وأنه سوف يدعي كما يدعي دائما أنه حبها له مجرد كلام في كلام ، وما حدث هو الدليل ، راحت تتجه نحو شقتها وهي في قمة الغيظ من زوجها ، ولكنها مع كل خطوة كانت تسأل ماذا لو وصلت له وانفجرت القنبلة بمجرد وصولي ، هل أرجع؟ لا لا سوف أواصل الصعود وليكن ما يكون
راحت تطرق الباب ، فقام زوجها من نومه ، ونظر من العين السحرية ، فأحضر باذنجانة من الثلاجة ، وبمجرد أن فتح لها ، ألقى الباذنجانة في وجهها، فتراجعت مذعورة ، وظنت أنه ألقى القنبلة عليها، وكان من خلفها السلم ، فراحت تدحرج عليه كالكرة حتى كسرت قدمها ، ومن شدة الوجع راحت تصرخ قائلة ،والله لن أتركك ، والله لن أترك ، لازم أوديك في مصيبة!!
اتصل بأمها ، وراحوا إلى الطبيب ، وتم تجبيس قدمها ، وأصر أن يأخذها إلى بيتها فلقد شعر بالذنب على فعل ، ورأى أن تكفير هذا الذنب يقتضي منه أن يستمر معها ،وأن يخدمها في ظروف مرضها، ولكنها رفضت بشدة ، وكذلك أمها ، وأخوانها، فلم يستطع إلا أن يرضخ لهم، عاد إلى البيت ، يوم ويومان وثلاثة ..... الخ أحس بالوحشة والفراغ ، وخاصة أنه كان يطمئن عليها في بداية الأمر بالتليفون ، ثم لم تعد ترد على تليفوناته ، وكلما يذهب كي يحضرها ترفض المجيء، والعيشة معه، وتدعى أنها مازالت تحتاج إلى رعاية وعلاج، ثم أصبحت في عافية وصحة تمام ، وانتهت فترة العلاج، وعادت أحسن مما كانت، فذهب كي يصالحها ، ويحضرها إلى عش الزوجية ، لكن رفضت وكانت المفاجأة أنها طلبت الطلاق ، فلقد أحبت في فترة مرضها جار لها، كان كل مناه أن يراهامن البلكونة علي الكرسي المتحرك ، وأمام إصرارها لم يجد أن من الرجولة العيش مع من لاتريد العيش معه ، خاصة بعد مناشدات أهلها بالعودة له، ولكنها كانت تمتلك إصراراً عجيباً على ما في رأسها ، ورأت ما في رأسها هو الأصوب.
تم الطلاق ولم يعد لحبه في داخلها أي أثر ، بل أصبحت تكرهه أشد الكره ، وتم زفافها على جارها، فحزن الأقرع حزناً شديداً ، ثم أصابته لوثة ، فكان يكلم نفسه ، وأصبح يذهب إلى دار زوجها الجديد ، ويجلس تحت شباكها قائلاً ، كانت معايا وأنا اللي ضيعتها ، كانت معايا وأنا ضيعتها
لم يجد زوجها الجديد من مناص إلا أن يترك القرية لهذا المجنون ، وخاصة أنه جاءه عمل جديد في المدينة، ولكنها مازال يذهب إلى بيتها ، ويزداد جنونه،وأصبح الناس يسمونه المضيعاتي نظراً لأنها دائما يردد كانت معايا وأنا اللي ضيعتها ، فصارت قصته عبرة لكل زوج يحيد عن الطريق
تزوجت منذ فترة وأشعر بالملل، ولا أعرف كيف أتخلص من زوجتي لو ليوم أو يومين ، ولكن أخاف أصبح مثل المضيعاتي وكلما أفكر في إجازة زوجية ، تقف أمامي صورة المضيعاتي، بملابسه الرثة، وإثارته للشفقة ، فأستقيم على صراط الحياة الزوجية، بدلاً من أن أصبح مضيعاتي جديد!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق